Uncategorizedمقالات

امانجي

إكرام بركية

قبل يومين أعلنت جائزة نويل للأداب عن فوز الكاتبة الكورية بالجائزة، كان رد فعلها جميلاً وإنسانيا بأن أعلنت أنها لن تقيم أي احتفال بالمناسبة قائلة (مع تصاعد الحرب وقتل الناس كل يوم، كيف يمكننا أن نحتفل أو نعقد مؤتمرا صحفيا؟) وهذا ما يجب أن يقوله.من بملك ذرة وعي. فمن ارتقى لأن يتصدر المجتمع بالكتابة له وعن قضاياه، لابد وأن يتحلى بأخلاق فاضلة اكتسبها بالقراءة والانفتاح على ثقافات الشعوب حول العالم مما يكسبه المرونة في التعاطي مع الآخر وتقبله بكل اختلافه، والتداعي مع قضاياه وهمومه بحس المشاركة والتلاحم الإنساني المحمود. فالنفس السوية لا تتقبل القبح في النفس البشرية فهي تنبذ الكراهية والعنصرية وما يتبعها من دكتاتورية وتسلط واستبداد.
فكل شرور العالم سببها من نفوس معتلة، تظن أن لها الحق في التسلط على رقاب البشر.
أظن أن هذا الموقف وحده من الكاتبة هان يستحق جائزة نوبل. كما قلت أن الغالب في فئة الكتاب والأدباء خاصة هم مع جانب الفضيلة والحرية والعدالة، ورغم هذا نجد فئة قليلة تنحاز لمصلحتها الذاتية وتسخر قلمها ومواقفها في خدمة الطغاة كأقلام مأجورة تبيع ضميرها.
من جانب آخر فهي أديبة وارتفعت بعض أصوات تقلل من قيمتها الأدبية بالنسبة لأدباء رجال ونسبة النساء عامة في نوبل أقل كثيرا من نسبة الرجال. ولكن هذه النسبة ليست قليلة بحسابات هموم النسوية وتداعيات رعاية الأسرة والأمومة على المرأة عامة والعربية خاصة. والكتابة في عالمنا الثالث لا ترتقي لأن تكون همأ خاصا يتفرغ له حتى للرجال، فكأنها شغل من لا شغل له، وهم من لا هم له. لكن تخصيص الجوائز يلقي بشيء من الألق والإهتمام فمجرد حصول الكاتب لجائزة عالمية أو محلية يعتبر جواز قبول من قبيلة القراء والوسط الثقافي عامة . فأنت بدون جائزة أو حتى ظلها بوصولك لقوائمها الطويلة أو القصيرة، كمن يحمل صك عضوية في قبيلة الأدباء وايماءة رضا من النقاد. وتأتي نوبل على قمة هرم الجوائز التي يترصدها الكتاب والقراء فمجرد الأعلان عنها يصطف آلاف القراء للحصول على نسخ روايات الفائز حتى تنفد، وتكون هذه الجائزة مفتاح للشهرة والمجد والسمو الأدبي والمادي للكاتب.
لكن نوبل شحيحة تجاه العرب فمن أصل أكثر من ثمان مئة جائزة كان نصيب العرب فيها بضعة عشرات. منها اليمنية توكل كرمان في السلام عام ٢٠١١، و في الأدب جائزة يتيمة نالها الأديب المصري نجيب محفوظ. وربما يرجع هذا لعدم استقرار الشرق الأوسط عامة والدول العربية خاصة والتي تسود فيها اضطرابات سياسية واقتصادية حادة تشغل الكتاب بالهم العام لبلادهم خاصة في ظل الحروب والانفلات الأمني الحاصل مما يخلق بيئة غير خلاقة ومعطلة لأي ابداع
 وحكومات لا يجد عندها الكتاب والأدباء الاهتمام والرعاية الكافية للتفرغ لمشاريعهم الأدبية التي تتيح تجويد العمل وارتقاءه للمنافسة في الساحة العالمية، وهذا كله لا ينفي وجود كتاب عرب تستحق أعمالهم المنافسة في نوبل
بل وتتفوق على بعض من نال هذه الجائزة ففي النهاية يرجع الاختيار للجنة التحكيم ومزاجها ورؤيتها النقدية.
 لكني لو كنت في لجنة نوبل لفازت غرف طوارى الحرب في السودان لجائزة نوبل للسلام. والتي رشحت للجائزة من قِبل معهد السلام باوسلوا. فهذه الغرف والشباب العاملين فيها يعملون تحت ظروف قاسية ويتعرض أفراده لكل المخاطر حتى الموت، ويقوم عملها على توفير معينات الحياة الضرورية والمنقذة للحياة لألآف المحاصرين في مناطق المعارك التي لا تصمت فيها أصوات الرصاص ولا يأمن فيها من يخرج من بيته يبتغي لقمة تسد جوعه وجوع اسرته بل أحيانا يموت في بيته من العطش والنيل على مرمى حجر من بيته، فكانت غرف الطوارئ هي طوق النجاة لملايين النازحين والهاربين من جحيم الحرب من تقديم الطعام والعلاج والمأوى وحتى اجلاء الأسر من مناطق الاشتباك للمناطق الآمنة، رغم تعرض العاملين من التضييق والمساءلة وحتى السجن والتعذيب من طرفي النزاع، إلا أن صمودهم سجل ملحمة تكتب بمداد من نور في صفحات التاريخ ولكانت نوبل تتشرف بهم، وإن انجلى هذا البلاء الجاثم على صدر الوطن بإذن الله لحق علينا جميعا أن نحتفي نحن بهم ونلبسهم طوق الشجاعة والوطنية والمجد لهم وللسودان ولكل الأحرار .
ولينا الله
#لا_للحرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى