Uncategorizedمقالات
ويبقى الوطن
*رابعا تطور مبدأ مسئولية الحماية في الأمم المتحدة*
يستند مبدأ مسئولية الحماية الى فرضية اساسية وهي ان السيادة الوطنية تستلزم مسئولية حماية جميع السكان من الجرائم الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، كما يستند المبدأ الى احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي لاسيما المبادئ الأساسية المتعلقة بالسيادة والسلام والامن وحقوق الانسان ومنع الصراعات المسلحة ، و أضاف البعض ان مسئولية الحماية تحدد وتفرض استخدام التدابير المؤدية لوقف الصراع مثل ( الوساطة وآليات الإنذار المبكر والعقوبات الاقتصادية وأخيرا تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمنع الجرائم او استمرارها وحماية المدنيين.
وقد بدأ مبدأ مسئولية الحماية في التطور والارتباط بالسلام العالمي منذ القرن الماضي حينما أصدر الأمين العام للامم المتحدة الأسبق دكتور بطرس بطرس غالي في اوائل التسعينيات تقريرة المسمى ( أجندة السلام ) الدبلوماسية الوقائية لصنع وحفظ السلام وكانت فيه دعوة صريحة لأهمية السلام العالمي وضرورة التدخل لصنعه والمحافظة عليه .
وفي عام 2005 وفي عهد الامين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان تم تعيين لجنةبرئاسةالاخضرالإبراهيمي
لدراسة الأمر ، واصدر السيد كوفي عنان تقرير تلك اللجنة بعنوان ( التدخل الإنساني) والذي اعتمدته الألفية الثانية التي عقدت في نيويورك، وقد كانت أهم توصية في ذلك التقرير هو مبدأ (مسئولية الحماية )
Responsibility To Protect
والذي أصبح يشار اليه بR2P
وينص المبدأ الذي اعتمد في هذا التقرير ( انه في حالة عجز الدولة عن حماية مواطنيها المدنيين يقوم المجتمع الدولي بحمايتهم بالطرق المناسبة ) وقد وافق الجميع على ذلك من اجل منع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية .
وفي عام 2011 صدر عن مجلس الأمن القرارين بالرقم 1970 والقرار 1973 حول الوضع في ليبيا واعتبره البعض تطبيقا فعليا لمفهوم ( مسئولية الحماية ) وانتصارا على مبدأ ( السيادة الوطنية) وفرض القرار حظرا دوليا على جميع الرحلات الجوية في المجال الجوي للجماهيرية الليبية كما أذّن القرار الثاني للدول الأعضاء اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين والمناطق الآهلة بالسكان المدنيين المعرضين للهجمات في ليبيا بما في ذلك بنغازي ومن ثم بدأت عملية عسكرية بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ولاحقًا آلت القيادة الى حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) كجزء من عملية الحماية الموحدة ، وقد تعرضت هذه العملية لانتقادات من كثير من الدول وذكروا ان العملية تعدت الحماية التي جاءت في قرار المجلس وتحولت الى عملية لتغيير النظام وطالبت بعض الدول بضرورة اقتران مفهوم مسئولية الحماية بمفهوم تحمل المسئولية أثناء توفير الحماية .
وفي جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015 وبمناسبة الذكري العاشرة لاعتماد مبدأ ( مسئولية الحماية ) أكدت الامم المتحدة أن هذا المبدأ ينبغي ان يترجم الى عمل ، وقال الامين العام حينها السيد بان كي مون إن الجرائم التي تلطخ ضمير الإنسانية تحتم على قادة الدول تحويل مفهوم مسئولية الحماية من مبدأ حيوي إلى ممارسة واضحة .
وهنا لا يفوتنا إلا ان نتذكر ان الاتحاد الأفريقي قد سبق الامم المتحدة ومجلس الامن عندما وضع مفهوم ومبدأ ( مسئولية الحماية )ضمن ميثاقه التأسيسي في عام 2000 فقد كفلت الفقرة (ج )من المادة الرابعة حق الاتحاد في التدخل بقرار من جمعية رؤساء الدول والحكومات في حالات جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ولم يعتمد مبدأ المسئولية عن الحماية في مجلس الأمن إلا في مؤتمر القمة العالمي بنيويورك كما ذكرنا في عام 2005.
*خامسا حول تجربة التدخل الدولي الإنساني في دارفور*
بعد المذابح التي إرتكبها النظام السابق في دارفور بالاشتراك مع المليشيا التي كونها وأطلق عليها رسميا ( حرس الحدود ) وأطلق عليها المواطنين ( الجنجويد) و يعني الاسم ( جن راكب جواد ) وقدر عدد الضحايا في هذه المذابح بأكثر من ثلاثمائة الف مواطن ومواطنة وبدأت هذه العمليات العسكرية ضد المواطنين منذ عام 2003,وكان أول تدخل لمجلس الأمن الدولي عام 2004 باصدار القرار رقم 1556 والذي حظر بموجبه توريد السلاح لدارفور ثم توالى اصدار القرارات من مجلس الأمن فصدر القرار
1672 في العام 2006 والذي فرض بموجبه عقوبات على اربعة سودانيين هم الشيخ موسى هلال زعيم الجنجويد واللواء محمد الحسن قائد القيادة الغربية وجبريل عبدالقرين بدري من الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية ثم آدم يعقوب شانت رئيس حركة تحرير السودان ثم صدر القرار 1706 في العام 2006
ثم القرار 1769 في العام 2007 والذي انشأ بموجبه مجلس الامن البعثةالمشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأيد القرار بالإجماع من مجلس الأمن ووصل عدد الجنود المكونين لها لأكثر من ثلاثين الف جندي وتوالت القرارات حتى صدر القرار 1945 في العام 2010 والذي مدد فيه المجلس ولاية لجنة الخبراء لمراقبة وحظر الأسلحة والعقوبات على المجموعات التي تعيق السلام
وينتقد الكثير من المراقبين التدخل الدولي الانساني في دارفور ويقول البعض بأنه بالرغم من انه صرفت فيه مبالغ ضخمة إلا انه لم يحقق النجاح الكافي وبالرغم من انه خفف من القتل إلا ان البعثة المشتركة فشلت في آداء مهمتها على أكمل وجه فقد استمرت الصراعات والقتل والمذابح ونزح في وجودها اكثر من مليون ونصف دارفوري من سكان الاقليم وتم اغتصاب حوالي مائتين فتاة وامرأة في منطقة تابت لوحدها .
وحتى بعد اندلاع ثورة ديسمبر 2018 واقتلاع النظام السابق صدر قرارين من مجلس الامن حول السودان ودارفور وهما القرارين 2524 والقرار 2525 وقد صدرا في نفس الجلسة بتاريخ 3 يونيو 2020
والقرار الاول يتضمن تقديم مساعدة فنية للسودان في عدة مجالات سياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية وقضايا التفاوض من أجل السلام واشار القرار إلى ان الغرض منه هو انشاء بعثة الامم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية
(United Nations Integrated Transition Assistance Mission in Sudan ) واختصرت باسم
UNITAMS
وكان من مهام البعثة دعم عملية السلام وتنفيذ اتفاقية السلام المقبله والمساعدة في عملية بناء السلام وحماية المدنيين وبسط سيادة القانون واخيراً دعم تعبئة المساعدة الاقتصادية الانمائية وتنسيق المساعدات الإنسانية .
إلا ان القرار 2525 والذي اتخذ في نفس الجلسة في 3 يونيو 2020 فقد صدر تحت الفصل السابع من الميثاق ( فصل العقوبات )الفصل الذي يمنح مجلس الامن الحق في استخدام القوة العسكرية لتنفيذ بنود القرار وكان عنوانه (فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلام والإخلال به ووقوع العدوان ).
وفسر ذلك بأن القرارين قصد بهم دعم الحكومة الانتقالية من الامم المتحدة ومجلس الامن .
نواصل فى جزءا آخر ..
ReplyForward
|