مقالات

مارسنا الإستغباء بذكاء …

حتى لا …. ننسى
د. منى الفاضل ..

بطبعنا كشعب سوداني رجالا ونساء نميل للترفيه وحُب الغناء والطرب فنبحث عنه فى كل فرصة تُتاح لنا ، كُنا نعتد جدا بلباس الدين تارة لناخذ الوقار اللازم وجوده ليكسى الكثيرين من الجنسين لبعض الشخصيات التى نصبت أنفُسها قادة مجتمع تنهى وتأمر فيه ، فكان ثوب الوقار والهيبة والدين هو الثوب الرئيسي لهذه الشخصيات ، بينما نفس الشخصيات حين يكون هُناك مُناسبات فرح تجدهم يعرضون ويعبرون عن فرحهم المُعلن بهمة كقوة نفس الشخصية ، ويرقصن بفهم وإجادة متمكنة بين مجتمعاتهم و حتى ان رقصتها يُحكى عنها جيل بعد آخر ، نمضى بهذه الصورة ويتغير الكون !! ولكن لا يتغير مفهومنا عن اننا هيبة ووقار ومتدينين مهما لهونا ولعبنا .

إستمر مجتمعنا بهذه الصورة الراتبة المُزدوجة الشخصيات ،والذى تتحكم فيه العادات والأعراف قبل الدين وإختلطا معا دون تمييز فى كثير من الأحيان ، الى ان جاء عام 1989 وكان ما نعلمه جميعنا قد بدأ الحُكم السيإسلاموى الذى كان ستار الدين هو الحامى لكل المخططات خلفه ، وبما أننا نقول أننا مجتمع مُتدين ومُحافظ لم نستطيع المقاومة لهذا النداء !! ليس لأننا مُغرقين فى الدين ولكن كلمة ( العيب ) نخشاها ونخشى أن تُرسم او تُختم على جبين أى واحدا من بيننا ، فلزم الاغلبية الصمت لإظهار صورته الخارجية التى جبُلنا عليها ظاهريا بينما تخفى الكثير من هذه الشخصيات خلف صورتها الظاهرية المُثير الخطر ومن هنا بدأ تطوير النهج السيإسلاموى يحفر فى أساسه العميق ليرمى بذُور الشر بذرة خلف بذرة ونبتت أشجارا خبيثة سُقيت بدماء الكثيرين وحُصدت منها أرواح وإنتهاك أعراض وإبتزاز أبرياء ليرضخون لسقي هذه الشجرة التى جعلتنا اليوم فى صفيحا ساخنا وبردا قارسا وكليهما لا نملك لهما أى حماية ، إن إستجرنا من الرمضاء نجد أنفسنا فى النار ، إن تدثرنا من البرد وجدنا الغطاء شوكان يُقطع الجسد .

مثالا واحدا تتبعته اليوم كد راسة حالة عبر البرامج القديمة التى كانت تُبث عبر القنوات الرئيسية من خلال التلفزيون المفترض انه قومى!! وبعض البرامج كانت تُذاع عبر الأثير ، فوجدت فى هذه البرامج السُم الذى كُنا نتجرعه نحن وبكل غباء وغيبوبة، فكان الكثيرين من المستنيرين او متعلمين يعرفون أن السم داخل هذا الدسم المُقدم ، لكن الكثيرين جدا من بيننا كانوا يغضون الطرف عنه لأجل المصالح الخاصة وتمشية الحال ، لأن كان من يعترض على هذا السٌم يُعاقب واحيانا يُقتل لماذا ؟ لأن من كان يعترض لا يجد من يسانده نسبة للمصلحة الخاصة فيضيع وحده إما بقتله ، إحالته للصالح العام ، إجباره على الهجرة والتشريد وهكذا أصبح صوت الحق مخنوق لا يستطيع التنفس .

مثالا لهذا السُم ، وقد كُنت قد أشرت عن هذه المخاطر مرات عديدة ولم تجد الإهتمام إلا من القلة القليلة التى إنتبهت لما ذكرت فى بعض مقالاتٍ السابقة !! اهم قضيتين قد أشرت لهما بشدة قضة (الأغانى والنكات العنصرية ، المخدرات او السطل) هذه المواضيع كانت تُقال فى شكل نكات او حكاوى كوميدية وبما أننا شعب نميل للضحك كنا نستمتع جدا منها ونُكررها بل نتنمر بها على بعضنا و كذلك الأغانى التى تًصور القبيلة عزا اكثر من الأخرى ونحن بالطبع نميل للطرب والتمجيد لأنفسنا والمتعة بالرقص فقد ،فشكلت هاتين عنصرية ترتب عليها التصنيف الفعلى لشق المجتمع السوداني حتى وصل الى هذه الحرب اللعينة وكان هذا من المتوقع تماما والقصد ، فقد بثت الأغانى والنكات الكراهية تدريجيا ليس هذا فحسب فقد شكل الإعلام الفرز العنصرى وجدا بدرجة عالية من الإتقان عبر شخصيات إسميناهم بثقة انهم (كوميديان وقونات) فعلوا الأفاعيل عبر هذا النهج ، ثم نكات المساطيل التى زرعت فى داخل ضعيفي المقاومة بان شخصية المسطول هوالشخصية الذكية المرحة التى تعيش فى عالم خيالى ممتع جميل ، بالتالى شجعت على الترويج والتعاطى بسهولة وقع فيها الكثيرين وأصبحو ضحايا لهذه السموم اللعينة ، أضعفت المجتمع وساعد على ذلك الظروف الإقتصادية اللعينة والعطالة فوجد كل هذا المنهج المدروس أرضية خصبة زادت (الطين بلة) الى أن وصل الحال الى سوءه فكانت ثورة ديسمبر ثورة الوعى التى ولدت طفلة منذ 1989م الى ان إكتمل نُضجها فى 2018م وإنطلقت شرارتها والى الآن مستمرة برغم الحرب والتديمر ولكنها فكرة النضال الحُر الذى لا ينتهى ولا يموت فهو جزءا من الإنسانية الكريمة التى تحترم الإنسان جوهرا قبل الجسد واللون …

ودمتم عفيفين مدافعين عن حقوقهم وبلادكم ايها الشعب الذى يعرف تماما كيف يُمارس الإستغباء بذكاء.
#الحرب لازم تقيف ونهائيا بإرادتنا .

manoiaalfadil18@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى